«نيويورك تايمز»: تخفيض ترامب للمساعدات يفاقم المعاناة في الخرطوم
«نيويورك تايمز»: تخفيض ترامب للمساعدات يفاقم المعاناة في الخرطوم
شهدت الخرطوم، عاصمة السودان، معاناة إنسانية شديدة بسبب تراجع المساعدات الإنسانية، التي كانت بمثابة شريان الحياة للملايين من السكان، ففي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب الأهلية في السودان، تتجلى العواقب الوخيمة لتجميد المساعدات الأمريكية على الأوضاع المعيشية للمواطنين في البلاد، ما أدى إلى تفاقم المجاعة والقتلى نتيجة الجوع.
وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم السبت، تُظهر قصص مأساوية في أحد أحياء الخرطوم المدمرة، حال الأطفال الذين يتعرضون للموت بسبب الجوع وسوء التغذية، لقي الطفل عبدو، الذي يبلغ من العمر 18 شهرًا، حتفه في إحدى العيادات الطبية بعد أن أُحضِر إليها وهو في حالة احتضار نتيجة نقص الطعام.
كانت هذه الصورة مأساة حقيقية لعدد من الأطفال الذين لم يستطيعوا النجاة من تأثير نقص الغذاء، بما في ذلك 12 طفلًا آخرين فقدوا حياتهم بسبب تدهور حالتهم الصحية الناتج عن الجوع.
تأثير وقف المساعدات الأمريكية
في يناير من العام الماضي، قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجميد المساعدات الإنسانية للسودان، وهو ما أدى إلى إغلاق مئات من مطابخ الحساء التي كانت توفر الغذاء للملايين، كانت هذه المطابخ تديرها منظمات إغاثة ممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وكانت توفر المساعدة الأساسية للمجتمعات التي تضررت بشكل كبير من النزاع المستمر، وفي وقت قصير، أُغلِق أكثر من 300 مطبخ، ما جعل الجياع في أحياء الخرطوم يواجهون ظروفًا لا تُطاق.
وبحسب منظمات الإغاثة، يعاني أكثر من 600 ألف شخص في السودان من المجاعة الحادة، بينما يعيش نحو 8 ملايين آخرين على حافة المجاعة، ومع استمرار الحرب الأهلية في السودان، والتي دخلت عامها الثالث، ازدادت معدلات الفقر والجوع بشكل غير مسبوق.
وأفادت تقارير الأمم المتحدة بأن العديد من السكان يضطرون إلى أكل أوراق الأشجار والعشب لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، بالإضافة إلى ذلك، اشتدت الهجمات العسكرية في مناطق مثل دارفور، حيث أدى القتال إلى مقتل المئات وتشريد الآلاف.
تداعيات تقليص التمويل الأمريكي
بعد تجميد المساعدات الأمريكية، انخفضت المساعدات الدولية بشكل حاد، ما دفع العديد من منظمات الإغاثة إلى خفض خدماتها أو إغلاقها تمامًا، وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في السودان، لم تتمكن الدول الأخرى من تعويض هذا العجز.
وعلى الرغم من التزامات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مؤتمر لندن، لا تزال الأمم المتحدة تواجه عجزًا في التمويل بمليارات الدولارات، مما يعيق جهودها في تقديم المساعدة الإنسانية العاجلة.
وفي ظل غياب المساعدات الدولية، تمكّن العديد من المتطوعين المحليين من تقديم الإغاثة للمتضررين، ولكنهم واجهوا تحديات جسيمة، واصطف العديد من المتطوعين للقيام بعمل شاق في توفير الطعام والمساعدات للأسر المحتاجة، رغم أنهم كانوا يواجهون مخاطر جسيمة، بما في ذلك التعرض للهجوم من قبل قوات الحرب المتصارعة.
وقدّم بعض المتطوعين تضحيات كبيرة، بما في ذلك وفاة العديد منهم أثناء أداء واجبهم الإنساني في مواجهة القصف والاعتقالات.
الحاجة إلى دعم مستمر
يحتاج السودان إلى دعم عاجل ومستمر من المجتمع الدولي لتجنب كارثة إنسانية أكبر، إذ تشير التقارير إلى أن المساعدات التي تُقدم حاليًا لا تغطي سوى جزء صغير من الاحتياجات الفعلية للمجتمع السوداني.
وفي ظل الأوضاع الصعبة في البلاد، يبقى الأمل في الحصول على مساعدات غذائية وطبية من الأمم المتحدة والدول المانحة للحفاظ على حياة الملايين الذين يواجهون الجوع والمجاعة في ظل الحرب الأهلية المستمرة.
وأعلنت الأمم المتحدة أن الوضع في السودان يعد أسوأ أزمة إنسانية منذ عقود، حيث تتفاقم المجاعة بسرعة وتزداد احتياجات السكان بشكل كبير، ومع استمرار القتال والتهديدات الأمنية، تواجه المنظمات الإنسانية صعوبة كبيرة في الوصول إلى المناطق المتضررة، ما يزيد من تعقيد الوضع ويدفع السكان إلى مزيد من المعاناة.
وفي الوقت الذي تُصرّح فيه إدارة ترامب بأن المساعدات الإنسانية لا تزال تُقدّم للسودان، أكدت منظمات الإغاثة أن الوضع أصبح أكثر صعوبة، وأن الدعم الأمريكي لا يزال غير كافٍ، لقد توقفت دفعات المساعدات لفترات طويلة، ما تسبب في تعطيل جهود الإغاثة وترك العديد من الناس دون طعام أو علاج.